برهان الصديقين بين الفلسفة والاديان

برهان الصديقين هو برهان لاهوتي , قدمه  بعض اللاهوتين من المسيحية والاسلام وعلى راسهم أنسلم والقديس أوغسطين من قبل وابن سينا وآخرين من المتكلمين .
وبرهان الصديقين هو أحد البراهين التي يتم الاستدلال بها على الاله في المحاورات التي تحدث بين الموحدين والملاحدة , حيث أن البراهين الفلسفية التي تثبت وجود اله هي :
1- برهان النظم:-
والذي يدرس الكون دون أدنى تطرق الى كيفية وجوده , ويؤكد على أن الكون منتظم مستشهدا بعدد من الأمثلة العلمية سواء كانت كسمولوجية أم فيزيائية , مثل تساوي البروتون والالكترون , وعدم انتفاء الانتروبيا رغم تصادهما مع مثيلاتها وغيرها من الأمثلة وهذه تكون بمثابة مقدمة صغرى , وتكون المقدمة الكبرى أن كل شيء منتظم يحتاج الى منظم ويكون بالاستدلال بمبدأ العلية الذي يقول عنه كانط أنه شيء أساسي في عقل الانسان .
وهو برهان قوي جدا والردود التي أتت عليه مثل قولهم أن الكون غير منتظم بدليل وجود تأثيرات جانبية لكل حدث بل هناك تأثير  لجناح الذبابة (نظرية الكايس ) وهذا القول متهافت جدا كون أن هذه التراكمات تتراكم حتى تصل الى حد يمكنها من الافعال وبالتالي نحن نتحدث عن وجود هذا الحد لا عن امكانية الوصول اليه بشكل عشوائي ! .
وأيضا القول بالصدفية الكون على رغم أننا نسأل عن الشيء الذي رتب أولا ومن ثم ننظر هل هذا الشيء منظم يحتاج الى منظم أم عشوائي وماهي النسبة ؟ فان كانت النسبة أكثر من 10 مرفوعة الأس 150 فالكون ليس لديه عمر كافي لاحداث شيء كهذا .

2- برهان التناغم :
والذي يدرس مدى ملائمة هذا الارض للانسان وكأنه أعد لاستقباله , فمن الاغلفة الخمسة الى أشعة الشمس هناك عديد الادلة التي يستخدمها هذا البرهان .
وبالتالي فالمقدمة الصغرى هو التأكيد على خطة لملائمة الأرض للانسان , والمقدمة الكبرى تكون أن كل خطة تحتاج الى مخطط , والى الآن لم نبرهن على وجود الاله .

3- برهان الحدوث :
وهو الذي يناقش مسألة حدوث الكون , وهذا البرهان أصبح أكثر قوة بعد نظرية الانفجار الكبير , حيث يقوم هذا البرهان بشرح كيف أن الكون حادث عن طريق الكثير من النظريات العلمية , ومن ثم يناقش استحالة أبدية الكون وهذا ما يسمى بالدليل السلبي , ومن ثم يؤكد على أن لكل معلول علة مثل كل البراهين .

4- برهان الصدقين :
وهو ما يهمني كونه أتى من اللاهوتين كما قلنا , وهذا البرهان يؤكد على أننا نستطيع أن نستدل بالله بنفسه ..
ولكن منطقيا يكون الاستدلال تصديف شيء على أخر أو نسب شيء الى أخر وبالتالي ان كانت هذه محاولة لتنزيه الاله فهذا خطأ كون الاله موجود ويجوز الاستدلال عليه , كون الاستدلال لا يجوز لغير الموجودات .
ولكن نرى في حيثيات هذا البرهان استدلالت على موجودات بطريقة أو بأخرى , فان قلنا أن وجودنا غير حقيقي وان الانسان ينتمي الى عالم المتغيرات فنحن سنكون أنكرنا ثنائية الانسان وجعلناه موجودا واحدا كون التغيير يحدث في الجسم المادي لا في جوهر الانسان , وبالتالي لما كنت لتفهم ماأكتبه الآن ولا كنت لتلتفت ان نادى عليك أحدهم ! .
وبالتالي فوجود الانسان وجود حقيقي ينقسم الى روح تعتبر الجوهر والافعال والى جسم مادي يعتريه التغيير , والانسان يكون بروحه التي تتمتع بكل ملكات العقل لا بجسمه الذي يسري عليه التسيير فهو خلق هكذا وأقول هذا كوني مؤمن موحد ولكن لو كنت ملحدا لما كنت لأقر بهذا , وبالتالي التركيز على الجسم الذي ينتمي الى عالم الزوال والعدم يؤكد على عدم وجود حياة بعد هذه الحياة فكيف للعدم أن يعود ؟
وأيضا هذا القول هو عين قول بيركلي القس الايرلندي الذي قال أننا موجودون في ذهن الاله , والذي سيقودنا أن ذهن الاله متضارب كوننا مختلفين في أفكارنا وباهتماماتنا وأيضا سنقول أن الاله شرير كون الشر موجود في ذهنه !
ويوافق مذهب وحدة الوجود لسبينوزا الذي أراه صحيحا ولكن ليس مذهب الطبيعيين الماديين الذين يقولون باله طبيعي وخاصية المادة المتهافتة فلا علاقة بين مذهب اسبينوزا ومذهب هؤلاء أبدا .
وان قلنا أن الناقص يدل على الكامل , فهو سيدل على الكامل من جنسه وبالتالي سنحتاج الى آلهة متعددة .
وأنا أراه أقل البراهين وسهل الدحض , ولا يعتد به في المناقشات اللاهوتية , فعندما أؤمن بوجود اله سأتجه له وهذا صحيح ولكن لا نستطيع أن نخاطب من لا يؤمن بوجود اله بهذا البرهان .
وما حملني على كتابة السطور هو كثرة الاستدلال بهذا البرهان عكس البراهين الاخرى كونه متردد وبكثر على ألسنة بعض الفقهاء الذين يقرأون كتبهم فقط ويعتقدون بقوة هذا الدليل ! .
حتى أن الله جل شأنه لم يستدل بهذا البرهان بقدر ما رأينا التأكيد على أهمية النظر في انتظام الكون وكيف بدأ الخلق وهي البراهين الثلاث الأولى , أما آية "الله نور السماوات والارض ....." فهي من باب الحس المشترك لا أكثر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق